في حين أن معظمنا قادر على التركيز، فإن فقدان التركيز أو السرحان داخل الفصل الدراسي أمر شائع وطبيعي للغاية. ولكن لسوء الحظ، فإن عواقبه السلبية عديدة ولا يمكن التغاضي عنها. فأولاً، قد تفوتك معلومات مهمة أثناء المدة التي تسرح أو تفقد التركيز فيها حتى لو كانت قصيرة. وبالإضافة إلى ذلك، فقد بينت الدراسات أن إعادة التركيز إلى مجراه الطبيعي بعد فقدانه يستغرق وقتا. ففي دراسة أجريت على موظفي شركة، أنه بعد أن تمت مقاطعتهم، احتاجوا إلى متوسط 23 دقيقة و15 ثانية لإكمال مهمتهم بنفس التركيز. ومن هذا المنطلق، ينبغي من الأساس تفادي ضياع التركيز.

لماذا نسرح ونفقد التركيز؟

يعتقد الكثير منا أنه يمكننا القيام بشيئين في وقت واحد، وهو ما يُعرف باسم تعدد المهام. وبينما يمكنك من الناحية التقنية القيام بمهمتين في وقت واحد، إلا أنه لا يمكنك التركيز على كليهما. فيمكنك محاولة الاستماع إلى محاضرتك وكذلك الحديث مع صديقك، ولكن في النهاية، أنت تقوم بعمل من الاثنين دون تركيز كاف. ورغم علمنا بذلك، ووجود أمثلة حية كثيرة لفشل هذه الإستراتيجية، نستمر في محاولة إنجاح الأمر ظنا منا أننا نستغل الوقت.

بالإضافة إلى تعدد المهام، تؤثر حالتنا النفسية والجسدية بدرجة كبيرة على طاقة تركيزنا وسهولة تشتيتنا أو وقوعنا ضحية أحلام اليقظة. فإن دخلت الصف الدراسي وذهنك مشغول بما ستفعله بعد أن ينتهي الدوام أو كيف ستحل مشكلتك مع والديك، من الطبيعي أن تسرح. كما أنك طبعا لن تحافظ على تركيزك في أعلى مستوياته في حال كنت تعاني من أي مشكلة جسدية مهما كانت.

بشكل عام، تختلف وتتنوع أسباب ضعف التركيز وبالطبع ينبغي دائما أن تكوت أنت المراقب على نفك وسلوكياتك ونقاط ضعفك. ولكن بغض النظر عن نوع وسبب ضعف تركيزك في الفصل الدراسي، أو حتى لو كنت فقط تنوي تعزيزه، فهذا المقال لك.

نصائح للحفاظ على التركيز في الفصل الدراسي

1. استعد قبل بدء المحاضرة
   
   

يمكن أن يساعدك الاستعداد قبل المحاضرة على فهم المادة بشكل أفضل وسيسهل عليك التركيز أثناء الفصل. ضع نية لنفسك في التركيز خلال المحاضرة وفكر في أي معلومات تعرفها مسبقا عن موضوع الدرس. فكر بملاحظات أو أسئلة قد تود معرفتها عن الموضوع ودونها كي لا تنساها. قم بمراجعة وإعادة كتابة وتلخيص ملاحظاتك من الفصل السابق.

2. قم بإجراء بحث إضافي:

في بعض الأحيان تفقد التركيز في الفصل لأنك لا تستطيع فهم ما يقوله معلمك. وهذا أمر طبيعي وعادي. ولكن إذا قمت بإجراء بحث إضافي حتى تتمكن من فهم دروسك بشكل أفضل، فقد يكون من الأسهل عليك التركيز. على أقل تقدير، التعلم خارج الفصل يمكن أن يعوض نقص التركيز والسرحان داخل الفصل الدراسي.

3. تدرب على التركيز:

تعزيز التركيز يتطلب ممارسة إلى أن يصبح عادة. إن دماغك يشبه العضلة ويجب تمرينها لجعلها قوية في المناطق التي تريد أن تعمل فيها بشكل جيد. سيتعين عليك التدرب على الانتباه وتركيز ومن أحد الطرق لفعل ذلك هي ألعاب العقل التي ناقشناها في مقال سابق. كما أن إحدى الطرق الجيدة الأخرى للممارسة هي التأمل. اجلس وحاول إفراغ عقلك مع التركيز فقط على شيء واحد بسيط، مثل الشهيق والزفير من أنفك.

4. قلل عوامل التشتيت

هل تحدق من النافذة؟ تدردش مع صديق؟ ترسم على الأوراق أمامك؟ مهما كان الأمر، قم بمنع أي فرصة يمكن أن تشتت انتباهك. فمثلا، يمكنك الجلوس في الصف الأمامي إلى جانب أحد التلاميذ المجتهدين ولي إلى جانب أي نافذة. كما عليك أيضا إزالة أي أدوات لا تحتاجها عن الطاولة أمامك عندما يبدأ الشرح.

5. شارك قدر المستطاع

عندما يكون ذلك مناسبا، ارفع يدك وشارك. بدلًا من الجلوس دون أي تفاعل مع المعلومات التي تتلقاها، ابذل جهدًا للمشاركة في أي مناقشة وطرح الأسئلة. فالتعلم التفاعلي يحفز التركيز بطريقة كبيرة جدا مقارنة بالتعلم السلبي. من جهة أخرى، عندما تضع نية المشاركة ستجد أن تركز أوتوماتيكيا لكي لا تسأل أو تجيب بما هو خارج عن الموضوع.

6. دون الملاحظات

يعد تدوين الملاحظات طريقة أخرى للتحول من كونك مستمعًا سلبيًا إلى مشارك ومتعلم متفاعل ونشط. تدوين الملاحظات يجبرك على الانتباه لما يقال ومعالجته وصياغته بأسلوبك. لن يساعدك هذا على الحفاظ على تركيزك فحسب، بل سيساعدك أيضًا على تذكر ما يقال في الحصة الدراسية.

7. لا تدخل الفصل الدراسي وأنت جائع

الغذاء بشكل كافي ومناسب قبل التوجه إلى الفصل يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في قدرتك على التركيز. فالعلاقة بين إشباع حاجاتنا الأساسية مثل الغذاء ووظائفنا المعرفية وثيقة. حتى أن الجوع والعطش مرتبطات بمشاعر الاستياء وسرعة الغضب التي يجب ان تتجنبها هي وأي مشاعر سلبية أثناء الحصص الدراسية.

8. احصل على قسط كافٍ من النوم

عدد ساعات وجودة النوم من ركائز الذهن الصافي القادر على التركيز وهو أمر دائما ما تسمعه نظرا لأهميته. كما ينبعث من الشاشات، مثل أجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف الذكية، ضوء أزرق يتداخل مع قدرة الجسم الطبيعية على الاسترخاء قبل النوم. ولذلك، أهم نصيحة يمكن أن نقدمها لك في هذا الصدد هي أن تتوقف عن استخدام الأجهزة الذكية على الأقل لساعة قبل النوم.

9. عزز تحفيزك وشغفك للدراسة

ربما تكون مادة لن تدرسها في الأعوام المقبلة، أو ليس لها أي تأثير على درجتك النهائية، أو تعلم أنها لن تساعدك في تحقيق مهنتك التي اخترتها. وفي هذه الحالة، سيضعف تركيزك وحافزك على بذل العناء لأجل دراسة هذه المادة. وهنا عليك بذل قصارى جهدك للعثور على مصدر للتحفيز. قد يكون ذلك بمثابة الإيمان بأن نظامك التعليمي لن يطلب منك دراسة هذا الموضوع إذا لم يكن هناك بعض القيمة فيه، حتى لمجرد توسيع آفاقك. أو ربما تفكر في حياتك المهنية المستقبلية المخطط لها، وترى كيف يمكن أن يكون للموضوع أهمية. أو، إذا لم ينجح أي منهما، قم بتكوين سيناريو يكون فيه الموضوع مفيدًا

10. حافظ على الفحوصات الطبية الدورية

إذا كنت تفعل كل ما سبق وما زلت تجد صعوبة في التركيز، فمن المفيد هنا على سبيل الاطمئنان إجراء فحوصات طبية. فقد تكون مشكلة بسيطة مثل نقص بعض المعادن سبب الصعوبة التي تواجهها. على سبيل المثال، إن كنت تحتاج إلى نظارة أو تغيير النظارة التي ترتديها، سينعكس ذلك على قدرتك على التركيز. وينطبق الشيء نفسه على الطلاب الذين يعانون من ضعف السمع، وبذلك تفوتهم الكثير من المعلومات التي يقولها الأستاذ.

اضطراب فرط الحركة ونقص التركيز

يؤثر اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه على قدرتنا على التركيز في الفصل الدراسي وقد يضعف الأداء الأكاديمي بشكل عام. ولكن كما ذكرنا سابقا، هو مجرد عائق يمكن التعامل معه ولا يعني أنك لن تتمكن من تحقيق طموحك وأحلامك. ولنساعدك في التغلب على هذا الاضطراب في حال كنت تعاني منك، جهزنا لك أكثر من مقال آخر لنزودك بكل المعلومات اللازمة. فمن خلال الوعي الكافي بالحالة والاطلاع على آخر المعلومات والنصائح المثبتة علميا، ستعيش حياتك الدراسية بشكل طبيعي تماما.